الرئيسية / الاخبار / أبا القسام أمير المقاومة والجهاد – رامي الغف

أبا القسام أمير المقاومة والجهاد – رامي الغف

صورته تجلس أمامي في زاوية صغيرة من مكتبي الإعلامي المتواضع، تطل علّيا كل يوم أكثر من مرة، مع كل إطلالة هذا الغبش وإشراقه الفجر الندي وانبلاج الصبح، صبح الوطن الجديد لا يسع القلوب كل القلوب، إلاّ الهتاف قبل الحناجر والشفاه، بوجيب الشغاف لمهج العاشقين، النقية كقطر الندى والعفيفة كخدود الورد، والطاهرة كخفر الباكرات وهي تلثغ حروفها البكر، أشاهدها مع كل زقزقة للعصافير فيزداد صاحبها قربا لقلبي وعقلي ووجداني،

فمواقفه البطولية وحبه الكبير لشعبه وقضيته ووطنه، يتجذر في روحي، وجهه يختزن البعد الفلسطيني كله، بانتصاراته وإخفاقاته، قسماته تجمع بين الرقة والحنان الأبوي في سياق رجل المبادئ، والانتماء لوطنه وقضيته وشعبه، وبين الصلابة والثبات والمقاومة ومقارعة الأعداء، صراحته في كل مواقفه وفي كل خطبه بينت معدنه النضالي الوطني الناصع، وطريقة تفكيره في صنع الحياة، رجل اجتمعت فيه الأضداد في عصر العولمة والتلون اللامبدئي، حب الجماهير له جعل منه رقما صعبا وهذا دليل على عدالة موقفه، زج بنفسه في رحم الأحداث قائدا للمقاومة السياسية والعسكرية والنضالية الفلسطينية، ضد الأفكار والسياسات الغوغائية الإسرائيلية الأمريكية والغير أمريكية، تواضعه اشتقه من سيرة قادته الأوائل (ياسر عرفات وصلاح خلف والوزير وصايل والكمالين وفيصل وهايل)، مسؤولية على عاتقة وهو في الأسر الآن فرج الله كربه، يستشعرها مقابل كل أم شهيد فقدت فلذة كبدها، وزوجة أسير فقدت معيلها، وجريح ما زال يئن من جراحه، ووطن فقد أراضه، وقضيه معلقه على رفوف الهيئات الدولية، وشعب فقد بريقه من الانقسامات والشروخ في كينونته هنا وهناك، فكان أمير المقاومة والجهاد مروان البرغوثي الكفيل الحامي والمسؤول لكل ذلك، وهو الجدير بتحمل المسؤولية الآن الآن الآن للقيام بهذه المسؤولية الوطنية، لا أريد شيئا من الرجل لأني لم أراه ولا يعرفني شخصيا، ولم أجلس معه وأتشرف بحديثة، ولكننا نعيش كلنا أزمة رجال ذو مواقف، أزمة تجعل العدو الإسرائيلي والأمريكي، أن يعيدوا حساباتهم العدوانية علينا.

لست بالمداحين الذين اتخذوا مدح الناس وسيلة للاسترزاق، أو التقرب من موقع أو سلطان، أو الذين جعلوا أقلامهم ومدحهم بضاعة يستأكلون من خلالها، لأني والحمد لله ميسور الحال والمكانة بين أهلي وربعي، ولكني أرى إن الموقف الشرعي والإنساني يهزني من أعماقي أن ارفع صوتي وأعلن بالفعل الحسن والأمر المحمود في زمن الانكسارات السياسية والعسكرية والتلون اللامبدئي، والانهزامية والانكسار التي تطّبع عليها الرجال، فمن مدح موقفا رجوليا بطوليا لأمر حسن محمود في زمن المواقف التراجعية الانهزامية الإنكساريه، إنما هو موقف متوافق مع الفطرة نرغب أن يقوم به غيره من الرجال ويقتدي بضوء مواقفه، هذا ترغيبا وتشجيعا أن يسير القادة والسياسيون والروحانيون ومن له موقع في قيادة فصائلية أو حزبية أو اجتماعية أو سياسية أو دينية في قيادته كما وجدناها في رجال ( حركة فتح) وقادتها الراحلون والموجودون، وان كان المؤمن مرآة أخيه المؤمن فإني أرى صورة (الأخ مروان البرغوثي) أبا القسام، بهذا النموذج الذي يستحق فيه موقع قيادة الجماهير، اذكر خطاباته متحديا القادة الإسرائيليين محذرا إياهم إنهم إذا ضربوا الضفة أو غزة، { سيقوم رجال فلسطين بضربات موجعه لتل أبيب} واذكر كلماته للشعب الإسرائيلي حين حذرهم من قادتهم الذين سيجرون الشعب الإسرائيلي إلى الهلاك والدمار والويلات.

لم يكن أحد منا يتصور أن يكون هذا القائد وهو في بداية الحياة السياسية بهذا المستوى من الأفكار والرؤى والطرح الوطني بل زاد في ذلك وجود الفطرة السياسية في أفكاره ونظرته للواقع السياسي الفلسطيني، وخاصة بعد الشروخ الكبيرة التي عصفت بأكبر حركتين وطنيتين على الساحة الفلسطينية ( فتح وحماس)، فراح ينافس الآخرين من الذين لهم باع في العمل السياسي ومن خلال المقترحات والمبادرات الرائعات والتي دائما تجدها حاضرة في تفكيره حتى تمكن وبفضل ما لديه من هذه المواهب مجتمعة أن يكون محط اهتمام على الصعيد الداخلي وحتى الخارجي.

لعب مروان البرغوثي دورا كبيرا في إعطاء القادة والساسة والسياسيين دروسا في القيادة والرياده والتحليلات السياسية، فاستفادت النخب وصفوة المجتمع الفلسطيني، بمثقفيه ومبدعيه وأكاديمية ومتعلميه وسياسييه، الوطن مما لديه من أفكار وأطروحات والتي طالما بكون فيها العلاج لما لديهم، ويعانون منه من مشاكل، حتى بات اليوم من داخل أسره محورا هاما في العلمية السياسية الفلسطينية ورقما صعبا لا يمكن تجاهله أو التغافل عنه, والأكثر من ذلك أصبح وبفضل الأفكار السياسية التي هي حاضرة في عقله الناضج محط اهتمام كل زعماء وقادة وساسة الدول العربية والأجنبية، فلقد تمكن البرغوثي اليوم أن يكون في المواقع الأولى في حسابات السياسة الحالية، حتى نال بفضل ذلك احترام كل أبناء شعبه بألوانه السياسية والطائفية والمكونات الوطنية، فبات  رقما مهما وصعبا في العملية النضالية والثورية والسياسية والإعلامية في الوطن الفلسطيني، وتتمنى اغلب القنوات الفضائية والمنتديات الثقافية والمؤسسات التعليمية وغيرهم الكثير، أن يكون البرغوثي أحد ضيوفها الكرام وقد انعكس هذا الأمر من خلال الكلمات والخطب التي يلقيها ونال بفضلها محبة واحترام أبناء الشعب حتى أصبح اليوم احد أمنيات الجميع زيارته في سجنه واللقاء به والاستماع الى كلامه وخطاباته.

أذكر في أحد الأيام نبرات صوته وصدقه وصلافته حين أعلن أن ( حركة فتح ) هي حركة الثوريون وهي الأم الحنون للكل الفلسطيني، فهو بحق لا يخاف في الله لومه لائم، عشرات التهم وجهها له الاحتلال الصهيوني ووجهها الإعلام الأصفر المريض التابع لأمريكا وقطر وإسرائيل وجرذانهم في المنطقة العربية لمروان الرمز، من هنا فإني أضع الرجل في إطار الرجولة والمواقف البطولية في زمن التنازلات والخنوع الذي يعيشه الوطن العربي بكل أشكاله وصوره، فلا مجال للمقارنة بينه وبين رجل تخرج من كلية حربية ومارس وظيفته في الجيش وقاد وحدات صغيرة وكبيرة، ويقول بملأ فمه { دي إسرائيل يا راجل,,, إسرائيل  مش فلسطين} وكأنه يجسد قول الله تعالى في الجبناء والمتلونين { يتخذون أربابا من دون الله}، فقد اثبت مروان البرغوثي للجميع انه صاحب الإمكانات الكبيرة ومقومات التميز النادرة التي وفرتها له البيئة التي تربى بها والمجتمع الذي انتمى إليه والخبرة والموهبة والعلمية الجبارة التي يمتلكها من خلال الإرث التاريخي الكبير، والتي جعلت منه صاحب شخصية قيادية،أبداعية قوية ونظرة ثاقبة ورؤية منطقية لكل ما يجري من أحداث، فان ما يمتلكه ها الرجل من مواصفات لا توجد عند الكثيرين، فقد استطاع البرغوثي خلال فترة ليست طويلة قياسا بما يمكن أن يتحقق بفترات طويلة أن يكون حجر الزاوية للكثير من القضايا التي مر بها الوطن، بسبب مواقفه الوطنية الواضحة والمعروفة بعدم التشنج تجاه الأمور الصعبة، وبالتالي معالجة الكثير من الإشكالات التي مرت بالمشهد الفلسطيني من خلال لغة الحوار واحترام الرأي الأخر وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين.

إن الدور الذي يقوم به الآن البرغوثي في سجنه يحتاج منا إلى وقفة جادة حول هذا الرجل الذي استطاع خلال هذه الفترة القصيرة التي ليس في أجندتها أي انتخابات أن يتواصل مع الجماهير والمواطنين من خلال إيصال صوته وتصريحاته إلى كافة المناطق الفلسطينية، هذا بالإضافة إلى ما يمتلكه من علاقات طيبة وجيدة مع مختلف الفصائل والأحزاب والحركات الفلسطينية وسياسيوها، وبالتالي جعلت منه شخصية بارزة في المجتمع.

ويبقى البرغوثي الرابح الأكبر مع أن هذا الحديث قد لا يريق للكثيرين لأن الرجل ليس بحاجة إلى ما سيقال عنه بقدر ما يريد أن يكسب رضا الله والجماهير التي علقت ثقتها به، وحسن عمله بأن ينصر الشعب الفلسطيني، بموقفه الكبير الذي يفترض على الشعب أن يخلد ذلك الموقف, ويفرق بين من يسعى لخدمة مصالحه ومن يسعى لخدمة مصالح الجماهير، وان يكونوا منصفين لهذا الرجل الكبير في أخلاقه وحبه لشعبه ووطنه.

عن moreed

شاهد أيضاً

أبو الغيظ يستقبل المحامية فدوى البرغوثي في مقر جامعة الدول العربية

‏‎ ‏‎استقبل اليوم الاثنين الموافق 17/07/2023 معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور أحمد أبو ...